مسرحية أنتيجون
Antigone
الكاتب الفرنسي الكبير
جان أنوي
Jean Anouilh
المسرحية إهداء خاص لأخي ناجي البدري
جدير بالذكر أن مسرحية أنتيجون كتبها المسرحي اليوناني القديم سوفوكليس وقام الكاتبان الفرنسيان جان كوكتو و جان أنوي بإعادة صياغتها بطريقة عصرية كل حسب رؤيته الخاصة
أنوي (جان ـ)
(1910 ـ 1987)
جان أنوي Jean Anouilh مؤلف مسرحي فرنسي ولد في مدينة بوردو في كنف أسرة متواضعة؛ فقد كان أبوه خياطاً وأمه عازفة كمان. أظهر أنوي اهتماماً بالغاً بالمسرح منذ كان تلميذاً في المرحلتين الإعدادية والثانوية، كما تأثر بكاتب مسرحي معروف في تلك الحقبة يدعى هنري باتاي Henri Bataille، إلا أن الحدث الأهم الذي شكل منعطفاً حاسماً في حياة أنوي المسرحية هو مشاهدته لإحدى مسرحيات الكاتب الفرنسي جان جيرودو [ر] Jean Giraudoux، وهي بعنوان سيغفريد Seigfried فسحرته لغتها الشاعرية.
انتسب أنوي بعد حصوله على الشهادة الثانوية إلى كلية الحقوق، وبدأ يعمل في مؤسسة للدعاية. غير أنه لم يستمر في دراسة الحقوق، بل قرر أن ينصرف انصرافاً كاملاً إلى التأليف المسرحي، كما عمل مدة قصيرة في مكتب الممثل والمخرج الفرنسي لوي جوفيه[ر] Louis Jouvet.
تزوج أنوي ممثلة اسمها مونيل فالنتان Monelle Valentin، وهي التي قامت فيما بعد بأداء الكثير من أدوار مسرحياته.
كتب جان أنوي نحو ثلاثين مسرحية لاقت كلها نجاحاً باهراً لدى الجمهور، وكان من أسباب نجاحه أنه استقى موضوعاته من المسرح الشعبي، فضلاً عن جمال تعابيره وبراعة أسلوبه في الحبكة والتحقيق البوليسي، ولم يتردد أنوي في طرق موضوعات مشهورة بجديتها كان قد طرقها من قبله سوفوكليس[ر] وموليير[ر] وماريفو[ر] وبيرانديلّو[ر].
قسم جان أنوي نتاجه المسرحي إلى المجموعات التالية:
1 ـ المسرح الأسود Pièces noires ويتألف من المسرحيات التالية: «السمّور» (1932) L'hermine، و«المسافر بلا حقائب» (1937) Le voyageur sans bagages، و«المتوحشة» (1938) La Sauvage، و«أوريديس» (1942) Euridyce.
2 ـ المسرح الوردي Pièces roses ويضم المسرحيات التالية: «حفلة اللصوص الراقصة» (1938)Le bal des voleurs ، و«ليوكاديا» (1939) Léocadia، و«موعد في سنليس» (1941) le rendez-vous de Senlis، و«هومولوس الأبكم» (1958) Homolus le muet.
3 ـ المسرح الأسود الجديد ويضم المسرحيات التالية: «أنتيغون» (1944) Antigone، و«جيزابيل» (1946) Jésabel، و«روميو وجانيت» (1946) Roméo et Jeannette، و«ميديا» (1953) Médée.
4 ـ المسرح الساخر Pièces Grincantes ويضم المسرحيات التالية: «أرديل أو زهرة المارغريت» (1948) Ardele ou la Marguerite، و«رقصة مصارعي الثيران» (1952) La Valse des Toréadors ، و«أورنيفل» (1955) Ornifle، و«بيتوس المسكين» (1956) Bitos Pauvre.
5 ـ المسرح البراق Pièces Brillantes ويضم المسرحيات التالية: «دعوة إلى القصر» (1947) L'invittion au château، و«الحب المعاقب» (1950) L'amour puni، و«كولومب» (1951) Colombe، و«سيسيل أو مدرسة الآباء» (1954) Cécile ou l'école des Pères.
6 ـ المسرح التنكري Pièces Costumees ويضم المسرحيات التالية: «القبرة» (1953) L'Alouette، و«بيكيت أو شرف الإله» (1959) Becket ou l'honneur de Dieu.
7 ـ المسرح الساخر الجديد ويحتوي: «الطائش أو الرجعي العاشق» (1959) L'hurluber ou le réactionnaire amoureux، و«المغارة» (1961) la grotte، و«الفرقة الموسيقية» (1962) L'orchestre، و«الفران وزوجته والصانع الصغير» Le boulanger, la boulangérè et le petit mitron، و«السمك الأحمر» (1970) les poissons rouges، وهناك مسرحيات أخرى غير مشمولة بهذه المجموعات منها:
«عزيزي أنطوان» (1969) Cher Antoine، و«لاتوقظوا السيدة» (1970) Ne réveillez pas Madame، و«مدير الأوبرا» (1972) Directeur de l'opéra، و«كنتَ لطيفاً حين كنتَ صغيراً» (1974) tu étais gentil quand tu étais petit، و«السيد بارنيت» (1975) M.Barnette، والاعتقال (1975) L'arrestation.
وتعد موضوعة طهر النفس ونقائها أهم الموضوعات التي شغلت هذا الكاتب ولفتت انتباه النقاد على نحو ملحوظ.
وأهم ما يميز شخصيات أنوي خاصةً في ما أسماه المسرح الأسود والمسرح الأسود الجديد، تطلعها إلى استعادة الطهر والبراءة المفقودين.
ومع تعدد الموضوعات في مؤلفات هذا الكاتب مثل: البؤس والغنى والخجل والكبرياء والحب ومشكلات الأزواج والهروب من الواقع والسعادة، فإن موضوعة الطهر المثلوم هي الفكرة الرئيسة التي تتمحور حولها الأفكار الأخرى وتتفاعل معها في مسرح أنوي. وهناك موضوعة أخرى مرتبطة ارتباطاً جدلياً بالطهر النفسي، هي توق شخصياته إلى السعادة. ومن هنا يمكن القول إن هذه الشخصيات تطمح إلى سعادة طاهرة أو إلى طهر سعيد.
وفي الربط بين هذين التطلعين تكمن مأساة هذه الشخصيات؛ إذ إن أغلبها من الشبان الصغار الذين عاشوا طفولة بائسة وتعرضوا للذل والمهانة فتيريز في مسرحية «المتوحشة» مثلاً عاشت طفولتها في ظل القهر والفقر المدقع حتى إنها أجبرت على إرضاء رغبات عشيق أمها. وكذلك أوريديس، اغتصبها غريب وتركها عرضة للاستغلال والابتزاز. وهكذا يقف ماضي هؤلاء الأبطال عقبة في طريق سعادتهم الحاضرة والمستقبلية، وذلك لأن شعورهم بالذنب والخجل إزاء أعمال شائنة لم يرتكبوها، بل اقترفت بحقهم يدفعهم إلى التشبث بالكرامة والطهر ويمنعهم من الاسترخاء والتلذذ باللحظة الحاضرة. ومما يميز هؤلاء الأبطال أنهم غير قادرين على الصبر طويلاً، فهم في عجلة من أمرهم لخوفهم من أن يفسد الزمن نقاء مطامحهم. ويبدو الطهر النفسي مثلاً أعلى لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الصراع مع الزمن. وهكذا كان رفض الزمن من الصفات الرئيسية لشخصيات مسرح أنوي الشابة. ففرانز مثلاً في مسرحية «السمّور» كان يريد تحقيق السعادة الفورية؛ وأوريديس أرادت من أورفيوس أن «يقسم لها في الحال بالبقاء مخلصاً لحبها». أما أنتيغون فإن موقفها يلخص على نحو جيد مواقف الآخرين إذ واجهت كريون قائلة: «أنا، أريد كل شيء، في الحال، وأن يكون ذلك كاملاً، وإلا فسأرفض».
لا يمكن للسعادة أن تكون كاملة إلا إذا اقترنت بالطهر والبراءة ومن غير الممكن أيضاً للطهر أن يقاوم صدأ الزمن؛ ولذا فإن أنتيغون ترفض التنازلات والمساومة، وتفضل الموت على حياة العار. ذلك هو قدر الشخصيات الشابة في مسرح أنوي، أما إذا ما قدر لبعض الشخصيات أن تعيش طويلاً فإنها تجد نفسها أمام عقبات من المستحيل تجاوزها. فبطل مسرحية «عزيزي أنطوان» مثلاً، لا ينجح في مجال الحب، والملك بيكيت يعجز عن إنقاذ صديقه، وكذا مجموعة الخدم في مسرحية «المغارة»، فليس بوسعهم سوى الحقد على سادتهم، مع أنهم يتعاملون بالخسة ذاتها. ولابد من الإشارة إلى تعاطف بعض مسرحيات أنوي مع الشخصيات السياسية التي قدمت للمحاكمة في فرنسة؛ بسبب تعاونها مع الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية.
ابتعد أنوي في الواقع كثيراً عن موقف أنتيغون في بعض مسرحياته مثل «بيتوس المسكين»، و«العصافير الأعزاء» Chers oiseaux، مما دفع ببعض النقاد إلى نعته بالفوضوية اليمينية.
توفي جان أنوي في إحدى مستشفيات لوزان السويسرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق